Page 49 - الفلسفة والعلوم الانسانية الفصل الثاني - الثالث الثانوي
P. 49
تحليل نص أساس التفكير المنطق ّي (*) 8
مـن بديهيـات التف ّكيـر المنطقـ ّي :لا يمكـن الوصـول إلـى عمليّـة فكريـة واحـ ّدة صحيحـة ،دون اسـتخدام
صحيـح للمفاهيـم مثـل :وضـع السـؤال ،الإجابـة عنـه ،الاسـتنتاج ،الشـرح ...ومـا شـابه ذلـك .لـذا ينبغـي
– وقبـل كل شـيء -عـرض قواعـد اسـتخدام المفاهيـم.
النظـري أو التطبيقـ ّي المنطـق لقواعـد الصحيـح للمفاهيـم يعنـي :معرفـة اسـتخدامها تبعـاً إن الاسـتخدام
مُشـ ِكل وحـ ّل ذلـك الموقـف ال ُمعطـى بنجـاح. وفـي أي موقـف
ما هو الح ّد ،وكيف يُع ّرف؟
الحـ ّد -قبـل كل شـيء -هـو لفـظ أو مجموعـة ألفـاظ ،تعـرب عـن مفهـوم موضـوع مـا ،وعلـى سـبيل
المثـال ،لفـظ «إنسـان» يُعـ ِرب عـن كل كائـن حـ ّي معيـن ،ولفـظ «اثنـان» يعـرب عـن مفهـوم عـدد محـ ّدد،
أمـا لفـظ «معهـد البحـث العلمـي» فيـدل علـى مفهـوم مؤسسـة معينـة .مـن الطبيعـي ،أ ّن إيـراد هـذه الأمثلـة
واضــح تمامــاً لمــن يفهــم (يســتوعب مفهومــاً عــن شــيء مــا) ،مــا الإنســان؟ ومــا هــو معهــد البحــث
العلمـي؟ لكـن مـا المفهـوم؟ ومـاذا يعنـي امتـاك مفهـوم عـن موضـوع مـا؟ قبـل كل شـيء هـذا يعنـي
الحـذق فـي معرفـة السـمة المحـ ّددة التـي تميـز موضوعـاً مـا عـن الموضوعـات الأخـرى كلهـا .هـذا
النـوع مـن الميـزات يدعـى سـمة خاصـة ،عندئـذ يظهـر سـؤال :كيـف نعطـي تصـوراً حـول هـذه السـمة؟
وهـذا يعنـي كيـف نفسـر هـذه السـمة؟ وتدعـى الإيضاحـات المشـابهة بالتعريـف الواقعـي ،أو (ببسـاطة
تعريفـاً) للموضـوع .غالبـاً مـا يدعـون تعريـف الموضـوع بتعريـف المفهـوم ،أو بتعريـف الحـ ّد ،كيـف
نشـأت عمليّـة تعريـف المفهـوم؟ يعـود تكـ ّون المفهـوم بشـكل جوهـري إلـى نموذجيـن مـن التعاريـف:
التعاريـف الإشـارية والتعاريـف اللفظيـة ،إ ّن عمليّـة تعريـف المفاهيـم متنوعـة للغايـة.
إن التعاريـف بالإشـارة تعـ ّد مـن أكثـر التعاريـف بسـاطة للفهـم ،علـى سـبيل المثـال يمكـن تعريـف لفـظ
(إنسـان) تعريفـاً إشـارياً ،مـن خـال الإشـارة إلـى أنـاس معينيـن (رجـال نسـاء أطفـال وراشـدين)....
التعاريـف اللفظيـة :هـي إيضـاح لمعنـى لفـ ٍظ مـا ،معنـى أو دلالـة اللفـظ غيـر الذائـع بعـد ،فـي ضـوء
ألفـاظ أخـرى ،هنـا نكـون قـد وصلنـا إلـى تعريـف إشـاري للفـظ (إنسـان) ويمكـن الوصـول إلـى تعريفـه
اللفظـ ّي ،لاسـيما أنـه أكثـر مـن تعريـف ،الإنسـان :كائـن عاقـل ،كائـن صانـع لأدوات العمـل ...الـخ ،إن
مثـل هـذه التعاريـف ،تلزمنـا بمعرفـة مـا هـو الكائـن؟ ومـا هـي وسـائل العمـل؟ ولكـن إذا كنـا لا نعـرف.
عندئـذ يمكـن تقديـم تعاريـف لفظيـة مـرة أخـرى و هكـذا.
فالمفاهيـم المع ّرفـة فـي التعاريـف اللفظيّـة يجـب أ ّن تكـون واضحـة (تعريفـات بسـيطة) وبشـكل بسـيط
هـي تعاريـف إشـارية .أصبـح مـن الواضـح جـداً ،أنـه لا وجـود لنشـاط فكـري بـدون اسـتخدام للألفـاظ
(الكلمـات).
من كتاب :يو .أ .بتروف ،أبجدية التفكير المنطقي ّ ،ترجمة :أحمد أبو زايد ،دار الشموس ،ط1999 ،1م ،ص.22-19 * 48

